محليات

سوء استغلال مساحات المزارع يثير الجدل

كشفَ التعداد الزراعي لعام 2021 الذي قامت وزارةُ البلدية بإنجازه مؤخرًا بالتعاون مع معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية بجامعة قطر، أن إجمالي المساحات المستغلة فعليًا في المزارع العاملة في الدولة بلغ 141.580.513 مترًا مربعًا، تمثلُ 34.2 % من إجمالي المساحات الكلية، والتي تمثل 413.442.293 مترًا مربعًا، ما يعني أن هناك نحو 66% من مساحات تلك المزارع غير مستغلة أو مهدرة.

الراية استعرضت آراء أصحاب المزارع حول أسباب عدم استغلال 66% من مساحات المزارع في قطر، حيث أكدَ البعض أن السبب هو سوء التخطيط، وعدم إعداد دراسة جدوى دقيقة لتكاليف الزراعة والنقل والتسويق، أو توقع خسائر كبيرة، أهم أسباب وجود مساحات مهدرة كبيرة وغير مستغلة بالمزارع. ودعوا لتعزيز الدعم الفني والمادي لأصحاب المزارع لتشجيعهم على مواصلة دورهم الوطني في المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، من خلال تنظيم جائزة سنوية لأفضل مزرعة تقوم باستغلال المساحة الكلية، وتسهيل حصول أصحابها على مساحات إضافية، فضلًا عن ضبط حركة الأسعار بالسوق لإنصاف أصحاب المزارع.

ونوّهوا بإحجام بعض أصحاب المزارع عن دخول مجال الإنتاج التجاري، وقصروا نشاطهم على الزراعة الذاتية، من أجل تلبية احتياجاتهم الشخصية فقط لتجنب الخسائر، نتيجة لانخفاض أسعار البيع بالمقارنة بالتكاليف الكبيرة للزراعة والنقل والتسويق.

عبدالله الكواري :

عدم الجدوى الاقتصادية أهم الأسباب

أكدَ عبدالله الكواري، صاحب مزرعة «مزارعنا» أن هناك مزارع استغلت المساحات الموجودة لديها بالكامل، وهناك مزارع أخرى استغلت تلك المساحات بنسبة 90%، وهناك مزارع ربما لم تستغل المساحات الموجودة لديها بشكل كامل لا سيما بالنسبة لبعض وليس كل المزارع الكبيرة، وأوضحَ أن عدم الجدوى الاقتصادية هو السبب الرئيسي في عدم قيام المزارع باستخدام كامل مساحاتها، إضافة إلى عدم استقرار السوق، مشيرًا إلى أن الكثير من المزارع تتعرضُ لخسائر، فكيف تسعى هذه المزارع إلى استغلال مساحتها بالكامل؟ وقال: إن معنى استغلال المساحة بشكل كامل في هذه الحالة هو أن المزرعة سوف تزيدُ من حجم خسائرها.

ولفتَ إلى ضرورة إيجاد وسائل تضمنُ، لجميع العناصر الوسيطة المشتركة في عملية بيع المنتجات الزراعية، مثل تاجر الجملة وتاجر التجزئة وغيرهما من الوسطاء، هوامش ربح معقولة ليست على حساب مصلحة أصحاب المزارع الذين ينبغي أن نضمنَ لهم تحقيق عوائد تغطي تكاليف الإنتاج، ونضمن لهم هامش ربح معقولًا أيضًا، وأشارَ إلى أن الوضع الحالي غير منصف لأصحاب المزارع على الإطلاق، حيث يقومُ بعض التجار، علاوة على شراء الخضراوات بأسعار متدنية، للأسف، ببيع المنتج القطري باعتباره مستوردًا من أجل تحقيق هوامش ربح عالية على حساب أصحاب المزارع.

المهندس عبدالرحمن العبيدان:

زراعة المساحات المكشوفة بالورقيات

قالَ المُهندس عبدالرحمن أحمد العبيدان، نائب رئيس مجلس إدارة مزرعة الواحة للإنتاج الزراعي: إن عدم استغلال المساحة الكلية للمزارع قد يكونُ واقعًا بالنسبة لبعض المزارع، إلا أنه حرص على استغلال كامل مساحة المزرعة سواء كانت مكشوفة أو مظللة لدرجة استغلال الممرات الموجودة بين البيوت المحميّة.

وأوضحَ أن المساحات المكشوفة يمكن استغلالها في زراعة الورقيات والأشجار الموسمية، لافتًا إلى أنه نتيجة لسوء تخطيط المزرعة قد تكون هناك مساحات مهدرة أو غير مستغلة بها بالفعل داخل بعض المزارع.

وقالَ: إنه يمكن الاستفادة من الأشجار الموسمية التي يتم زراعتها في الأماكن المكشوفة بحيث تكون كمظلة لزراعة الورقيات، كما يمكن الاستفادة من المساحات غير المُستغلة في زراعة النخيل.

مضيفًا: إنه عند زراعة الأشجار الموسمية ينبغي التركيز على الأشجار المثمرة مثل الصبار والكنار والتين وأشجار الرمان، حتى تكون هناك جدوى اقتصادية من عملية الزراعة.

وأكدَ أنه يجب العمل على الاستفادة من كل متر مربع داخل المزرعة، بحيث يكون منتجًا، داعيًا إلى الابتعاد على سبيل المثال عن زراعة الحشائش، حيث تعتبر مظهرًا جماليًا داخل المزرعة أكثر من كونها ذات جدوى اقتصادية، لافتًا إلى أن حجم الإيرادات بالنسبة لمزرعته خلال الموسم الحالي كان أفضل من الموسم الماضي، حيث حقق زيادة قدرها حوالي 35 %، مرجعًا ذلك إلى التوسّع في الزراعة داخل البيوت الشبكية.

قالَ يوسف أحمد طاهر، صاحب مزرعة الطاهر: إنه من المعروف أن عروة الزراعة الشتوية في قطر تمتدُ من شهر سبتمبر حتى شهر أبريل، وقد يمتدُ حتى شهر مايو أو بداية شهر يونيو، وقد ساهمت البيوت المحمية في إطالة أمد هذه العروة بعض الشيء، لكن هذه الإطالة غير مجدية اقتصاديًا، وبعد انتهاء هذه العروة تبدأ العروة الصيفية، وهذه العروة أيضًا غير مجدية اقتصاديًا بالنسبة للغالبية العظمى من أصحاب المزارع، وبالتالي فإنهم يفضلون التوقف عن الزراعة تجنبًا للخسائر.

وأوضحَ أنه بالإضافة إلى عامل الطقس فإن هناك عوامل أخرى تدفعُ البعض إلى عدم الاستغلال الكامل لأراضي مزارعهم، من بينها عدم استقرار السوق بشكل عام سواء على المستوى المحلي أو العالمي، وأكدَ أن أغلب المزارعين في جميع أنحاء العالم حتى في دول أوروبا إذا لم يحظوا بدعم الدولة فإنهم سوف يخسرون، مشددًا على ضرورة دعم الجهات المعنيّة في الدولة لأصحاب المزارع.

وأشارَ إلى أن الاعتماد على المنتج المحلي في تحقيق الأمن الغذائي أثبت أنه الحل الأمثل لا سيما في ظل الظروف والتقلبات التي يشهدها العالم، ولفتَ إلى أن العالم مقبل خلال العامين القادمين على موجة غلاء كبيرة على وقع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، ما يستدعي ضرورة الاعتماد على الذات والمنتج المحلي بشكل أكبر بدلًا من الاعتماد على المستورد، ونوه بأن الدولة غير مقصرة مع أصحاب المزارع، وقد بذلت خلال الفترة الماضية جهودًا كبيرة في دعمهم، لكن هناك حاجة ماسة أيضًا إلى ضرورة قيام الجهات المعنية في الدولة بإلغاء الجمارك على مدخلات الإنتاج. وكذلك وضع ضوابط لنقل كفالة العمالة المدربة من المزارع حتى لا يخسر أصحاب المزارع العمال الذين بذلوا جهودًا كبيرة في تدريبهم.

د. سالم النعيمي :

البعض اكتفى بالزراعة الذاتية وعدم دخول الإنتاج التجاري

دعا د. سالم النعيمي، صاحب مزرعة «عدن»، إلى ضرورة أن يكونَ هناك تقدير مادي ومعنوي لأصحاب المزارع لتشجيعهم على مواصلة دورهم الوطني في المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي بالبلاد، وذلك من خلال عدد من الوسائل، من بينها منح جائزة سنوية لأفضل مزرعة تقومُ باستغلال المساحة الكلية بها، وتسهيل حصولها على مساحات إضافية إذا رغبت في زيادة المساحة.

وأكدَ أن وجود مساحات غير مستغلة داخل بعض المزارع يعودُ إلى أن بعض أصحاب المزارع وجدوا أن العملية الزراعية برمتها غير مجدية من الناحية الاقتصادية بالنسبة لهم، ومن ثم فإنهم تركوا مجال الزراعة من الأساس.

وأوضحَ أن هناك بعض أصحاب المزارع لديهم مساحات كبيرة، لكن ليس لديهم رغبة في دخول مجال الإنتاج التجاري، وقصروا نشاطهم على الزراعة الذاتية من أجل تلبية احتياجاتهم الشخصيّة فقط.

وأكد أنه بالنسبة له فقد حرصَ على استغلال كامل المساحة الكلية لمزرعته بدرجة 200 % من خلال التوسع في الزراعة المحمية، وهناك العديد من المزارع الأخرى في قطر تنتهجُ هذا النهج من خلال زيادة مساحات الزراعات الأفقية لديهم.

ولفت إلى أن مدخلات الإنتاج مثل البذور والأسمدة وغيرها من المدخلات التي يتم استيرادها من الخارج ارتفعت تكاليفها بشكل كبير في السوق العالمي، في حين أن أسعار المنتجات الزراعية ثابتة من جانب الجهات المعنيّة المسؤولة عن التسعير في الدولة.

 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى